https://24.ae/images/Articles2/20191129194254307NQ.jpg
علي شمص، المعروف بـ"لورد المخدرات".(أرشيف)

"اللورد شمص" .. وزير نفط لبنان!

by
يقر "اللورد علي شمص" بأن تجارة المخدرات تدر عليه قرابة مليون ونصف مليون دولار، وبالتالي فان عائدات هذه التجارة هي من تصرف على عشرات البيوت المفتوحة في البقاع

عوالم كثيرة مسكوت عنها في لبنان، هذا البلد الصغير والجميل والمدهش، حيث كشفت الانتفاضة الشعبية التي انطلقت فيه منذ أكثر من أربعين يوماً عن جزء يسير من هذه العوالم أبرزها على الاطلاق عالم الفساد وحجمه ومدى قوته وبخاصة عندما يتغطى هذا الفساد بالسياسة وتحديداً بالشعارات الثورية والوطنية.

أما عالم الجريمة والمخدرات وما يرتبط بهما من تجارة الجنس والرقيق الأبيض فهما يحتلان مساحات واسعة من هذا العالم "السفلي" الذي تكون وانتعش وترعرع في أحضان الفوضى وغياب القانون وسلطة العصابات وشريعة الغاب.

ففي الوقت الذي كان فيه اللبنانيون يطالبون بدولة مدنية، دولة القانون والمساواة والعدالة كانت قرية "وادي دام" في البقاع تودع علي شمص الملقب بـ "لورد الحشيش"، وفي هذا الوداع بكت "علي شمص" كل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ومنها القذائف الصاروخية الـ" أر بي جي" ومئات العائلات التى انتابها شعور باليتم، وتحولت الجنازة إلى ساحة حرب ضد المجهول، وكشفت عن عمق الظلام والظلامية التي يعيشها لبنان الوطن ولبنان المواطنة، وهو الوطن الذي يتحول فيه مواطن خارج عن القانون إلى زعيم مافيا تجارة المخدرات بل وزراعتها على مرأى من أجهزة الدولة وعلمها وينجح على مدى سنوات طويلة من غياب الدولة على صناعة بيئته الحاضنة والضامنة، ويقوم بتصدير بضاعته إلى الخارج بعلم الدولة بصورة أو بأخرى ويتفاخر في ذلك ويقول وبكل رباطة "جأش" وثقة أن مخدرات البقاع هي نفط لبنان.

شمص هز أبدان الطبقة السياسية الحاكمة من خلال قوله في الوثائقي الرائع والمثير لتلفزيون الـ BBC إن تهريب المخدرات يتم بمعرفة السياسيين والحكومة "الشرعية" وقال ما نصه في المقابلة التي فضحت كل هذا العالم الخطير والتي بثت في 3 مارس (آذار) 2017 وأعيد بثها بعد وفاته:" إن 90% من رجالات الدولة سماسرة، ويتلقون الرشاوى".

يقول تلفزيون الـ BBC إن علي شمص وغيره من تجار المخدرات في البقاع هم من التبعية الشيعية والولاء السياسي لهم هو لحزب الله بالدرجة الاولى ولحركة أمل بالدرجة الثانية، وإن هذا الحزب الذي يدعى الفضيلة والقيم هو من يوفر تجارة وصناعة المخدرات التى يغطيها بشعار "سفيه" يتماشى مع عقلية البسطاء من أبناء قرى البقاع ألا وهو ما قاله علي شمص في المقابلة المشار إليها من "إننا ورداً على أمريكا وأوروبا حيث تصدران لنا إرهاباً، فنحن نبيعهما مخدرات".

ويقر "اللورد علي شمص" بأن تجارة المخدرات تدر عليه قرابة مليون ونصف المليون دولار، وبالتالي فإن عائدات هذه التجارة هي من تصرف على عشرات البيوت المفتوحة في البقاع، وأنه لولا هذه التجارة لكانت هذه العوائل عانت من الجوع والفقر.

من الناحية العملية، فإن تأثير تجارة الحشيش المزدهرة في البقاع لا يقتصر على شمص والعاملين معه فحسب، بل يصل إلى كل لبنان وهو ما جعل شمص وغيره من كبار التجار يطالبون وبجرأة عالية "بتشريع" يبيح الزراعة والتجارة فيها بعدما أصبحت واقعاً لا يمكن نكرانه.

تجارة الحشيش مرتبطة بتجارة الجنس الموجود في لبنان وبصورة علنية وازداد خلال السنوات الماضية بسبب الأزمة السورية وقبلها الأوضاع في العراق، عدا عن الأزمة المعيشية الخانقة التي تعيشها عائلات لبنانية ترى في الدعارة مصدراً للرزق.

تجارة الحشيش والدعارة هما من أبشع أشكال الفساد والانحلال، وبكل أسف فان هذا النوع من الفساد المدمر لبنية المجتمع اللبناني وغيره من المجتمعات الفتية في العالم العربي غاب تماماً عن أطروحات وشعارات الثورة التي اقتصرت على السياسة والسياسيين وفسادهم.