عبدالله بن زايد : أنبل الرجال لا يغيبون عنا
قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي إنه في هذه الأيام العظيمة نستذكر بطولات رجال القوات المسلحة الإماراتية تلك الكوكبة المنيرة التي ضحت بأرواحها من أجل دولة الإمارات وأهلها وقدمت نموذجا عز نظيره في الشجاعة والكرم فصارت تضحياتهم منارات في سماء البطولة.
وفيما يلي نص كلمة سموه التي وجهها عبر مجلة "درع الوطن" بمناسبة "يوم الشهيد":
أنبل الرجال لا يغيبون عنا ... في هذه الأيام العظيمة نستذكر بطولات رجال القوات المسلحة الإماراتية تلك الكوكبة المنيرة التي ضحت بأرواحها من أجل دولة الإمارات وأهلها وقدمت نموذجا عز نظيره في الشجاعة والكرم، فصارت تضحياتهم منارات في سماء البطولة.
يوم الشهيد، ليس مجرد مناسبة عابرة حيث أننا نستذكر فيها كل شهيد إماراتي وقف في وجه الإرهاب والخراب فصان أمن الوطن وذاد عن حمى شعبه.. هو يوم نستدعي فيه بكل إجلال وتقدير ما قدمه الآباء والأمهات الذين أنشأوا جيلا يعلو في نفوسهم حب الوطن فوق كل شيء آخر.. إن كل واحد من شهدائنا الشرفاء يعلمنا درسا في النبل والعطاء، وتسرد تضحيته لأبناء هذا الوطن ملحمة صدق ووفاء.
لقد علمتنا قيادتنا الحكيمة، منذ عهد الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" أن العطاء الحقيقي هو الذي يكون بلا حدود، وهو ما يتجسد في هذا الركب الشريف من شهداء الوطن، الذين توافد على منازلهم الإماراتيون قيادة وشعبا والذين تحدث عنهم مرارا وتكرارا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ضاربين بهم المثل لكل إماراتي وإماراتية.
يوم الشهيد الذي يحل قبل أيام قليلة من اليوم الوطني لدولة الإمارات في الثاني من ديسمبر، يعزز في كل واحد فينا ثقته بنفسه ووطنه وقيادته، فهذه الدولة التي قدمت نموذجا حضاريا بين دول العالم المتقدمة، استطاعت بكل حكمة أن تحقق مكتسبات وتصنع منجزات عصرية في مختلف المجالات، وتبنت في الوقت ذاته سياسات السلم وتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة التطرف بكل أشكاله، وصنعت نموذجا في القدرة العسكرية الفذة، بقواتها المسلحة، وتدريبها واحترافها، وخبراتها الميدانية، وصولا إلى مشاركة المرأة في العمل العسكري، وإدراج الشباب في برنامج الخدمة الوطنية الذي يمنح الشباب والفتيات الفرصة للمساهمة في تعلم مهارات جديدة وحماية بلادهم من الطامعين والعابثين، وأصحاب كل أجندة تتربص بهذه المنطقة، وتريد زعزعة السلم الإقليمي.
لقد كان اتحاد دولة الإمارات الذي نحتفي بذكراه الثامنة والأربعين بعد أيام ميلادا لفكرة فريدة آمن بها الشيخ زايد وإخوته المؤسسون حيث استشرفوا المستقبل وسعوا جاهدين في سبيل تحقيق حلم الوحدة الذي شكك فيه الكثيرون، فالتجارب التي سبقتنا لم تبشر بالخير، لكن عزيمة المؤسسين وتكاتف أبناء هذه الأرض جعل الحلم حقيقة، بل وتجاوزت نتائجه كل التوقعات، فلقد حققت دولة الإمارات نتائج مبهرة في مختلف القطاعات الحيوية على مستوى العالم، كالبنية التحتية، والازدهار الاقتصادي، والاستقرار الأمني وتعزيز التسامح وتنمية الموارد الاقتصادية غير النفطية، ناهيك عن الإنجازات التي تحققت في مجالات التكنولوجيا وعلوم الفضاء، وكان آخرها إرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية وإجراء عدة تجارب علمية.
لقد تحولت دولة الإمارات إلى قبلة لأصحاب الخبرات والكفاءات العالية الذين يبحثون عن بلد يحققون فيها أحلامهم وطموحاتهم، كما أنها باتت عاصمة للإنسانية إذ وصلت جسورها الإغاثية والتنموية إلى كل المناطق المنكوبة في العالم دون تفرقة أو تمييز، فأصبحت دولة الإمارات الدولة المانحة الأولى عالميا، كما أن جواز السفر الإماراتي أصبح الجواز الأقوى عالميا حيث يمكن لحامله دخول أكثر من 176 دولة دون الحاجة إلى تأشيرة.
وفي خضم هذه الإنجازات نحتاج أن نتذكر دائما بأنها لم تكن ممكنة لولا تضحيات شهدائنا الأبرار، الذي حموا الوطن والمنطقة من مطامع العابثين، ولولاهم لما نعمنا بالأمن والاستقرار الذي نحمد الله عليه اليوم.
وعندما ضحوا بأرواحهم فإنهم لم يخوضوا معركة شخصية، بل كانت معارك من أجل أمن الوطن، والمنطقة، والحفاظ على الدين من عبث العابثين به و تحويره لتحقيق أغراضهم المريضة، في منطقة تعد شريان العالم وأي خلل في أمنها واستقرارها يعني تهديدا صريحا ومباشرا للعالم أجمع، ولذلك فإن العالم مدين لكل من ضحى بروحه من أبنائنا، من أجل أن يعيش الآخرون بسعادة وهناء.
وإننا إذ نترحم على أرواح الشهداء، ننظر إلى المستقبل بأمل كبير، في دولة باتت في مصاف الدول المتقدمة، تساهم وتؤثر في صناعة القرار العالمي، وتسعى لنشر السلام والمحبة والأخوة الإنسانية في كل مكان لتحقيق الاستقرار والتنمية لجميع شعوب العالم.
رحم الله شهداء الواجب والكرامة، وأكرمهم إكراما يليق بجلاله وعظمته وهم إذ يغيبون عنا فإن بطولاتهم ستبقى خالدة في ذاكرة الوطن والأمة، وسنظل نحدث أبناءنا وبناتنا عنهم وسنبقى سائرين على خطاهم في الحفاظ على سلامة ووحدة هذه الأرض الطيبة.