الحراك الشعبي في لبنان.. انقسامات حول العناوين والاهداف
by ايناس كريمةمن يراقب الحراك القائم في لبنان عن بُعد يمكنه ببساطة أن يلاحظ الانقسام الذي وقع في صفوف المتظاهرين منذ السابع عشر من تشرين الفائت حتى اليوم. فمن إسقاط النظام الى إسقاط القوى السياسية وصولا الى الاملاك البحرية وإصلاح القضاء وفساد المصارف وغيرها من المطالب التي تشعّبت حتى أدّت الى تبلور صورة جديدة لما سُمّي بالثورة الشعبية من حيث العناوين والاهداف.
ووفق معلومات لـ "لبنان 24"، فإنّ عدة عناوين سوف تحكم الخطاب الشعبي في المرحلة المقبلة، والتي يبدو أنه جرى الاتفاق عليها بعد التنسيق بين معظم القوى اليسارية والأحزاب الوطنية كالحزب الشيوعي وحركة الشعب والتنظيم الشعبي الناصري، بالإضافة الى جزء كبير من المجتمع المدني. واهم هذه العناوين:
اولا: التركيز على المصرف المركزي وسائر المصارف في لبنان، الأمر الذي تظهّر جليّاً مساء أمس من خلال اقتحام عدد لا بأس به من المتظاهرين للمصارف وتوثيق مظاهر الاحتجاجات من الداخل. وبحسب المعلومات فإن هذه النقمة الشعبية المتصاعدة يوما بعد يوم ستترافق مع عديد من التحركات المندّدة بقطاع الصيارفة والرافضة لطريقة تعامله مع سعر صرف الليرة اللبنانية.
ثانيا: المحروقات، حيث ان هذه المجموعات أكدت على ان الاسبوع المقبل سوف يشهد تحركات جدية للتصويب على نقابة موزعي المشتقات النفطية على اعتبار انها تعمد الى ابتزاز المواطن اللبناني من خلال توسيع دائرة الإضرابات غير المبررة، ومن جانب آخر سوف يتمّ الضغط على هيئة الاشراف على البترول التي يتقاضى اعضاؤها وفق مجموعات الحراك، آلاف الدولارات شهريا من دون العمل على تحقيق أي خطوات جدية للبدء بعملية التنقيب واستدراج العروض المرتبطة بالاكتشافات النفطية على السواحل اللبنانية.
من جهة اخرى، فإن قسماً اخر من الحراك، والذي يرأسه "حزب ٧" يبدو أنه قد اختلف مع باقي المجموعات حول العناوين، حيث انّ هؤلاء يعتبرون ان الهجوم على المصارف في هذه المرحلة، وإن كان محقا، الا انه يبدو أقل اهمية من إسقاط القوى السياسية والمؤسسات الدستورية، لذلك فإننا نلاحظ توجّه "حزب ٧" وحلفائه المتركّز امام قصر "بعبدا" للضغط على رئيس الجمهورية من اجل البدء بالاستشارات النيابية الملزمة وتشكيل حكومة "تكنوقراط".
وإذ تكشّفت مظاهر الانقسام في الحراك الشعبي بحيث أن الاهداف الاصلاحية لمواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية تقابلها اهداف سياسية تسعى الى تغيير النظام السياسي، الا ان هذا الانقسام ليس من شأنه ان يوحي "بفرفطة" التحركات، بل يعني ان "الانتفاضة" تتجه في مسار التطوير للخطاب المطلبي الذي سوف ينعكس بشكل واضح في الأيام المقبلة.