الطوفان القادم 20

by

الطوفان القادم 20

https://twasul.info/wp-content/themes/twasul/timthumb/?src=https://twasul.info/wp-content/uploads/2019/11/Screenshot_1-2.png&w=1462876&h=

عبد العزيز السريهيد

تطرقنا في الحلقات السابقة إلى رد الشبهات المتعلقة بشبهة إعمال العقل والمنطق وتقديمه على النص الشرعي، وذلك من خلال محاور أربعة، وأما خامس هذه المحاور:

فنقول: إن مما ينقض قولكم بتعارض العقل مع الإيمان، إيمان من كان ملحداً منكراً لوجود إله وإقراره بذلك. وأكتفي بمثالين:

الأول: أنتوني فلو: فقد قاده العلم و العقل إلى الإقرار بوجود إله، بعد أن كان ملحداً منظراً للإلحاد، بل يعتبر أبو الإلحاد المعاصر، يقول: ” لقد كان توصلي إلى وجود الإله و إلى بعض صفاته، رحلة عقل و ليست رحلة إيمان ” .

الثاني بروفيسور الرياضيات الذي كان ملحداً جفري لانغ : و الذي أسلم فيما بعد في أواخر الثمانينات تحدث عن سبب إسلامه فقال : ” كنتُ قبل إسلامي أعتقد دائماً أن العقل ينسف الإيمان ، بيد أن القرآن يقول : إن الإيمان يزول عندما يُتجاهل العقل ، أو عند تطبيقه تطبيقاً ضعيفاً ” .

فلو كان العقل يعارض الدين لما قاد هؤلاء الملاحدة إلى الإيمان بالله عز وجل كأمثال حفري لانغ ، و الإيمان بوجود إله للكون كأنتوني فلو ، فهم عندما أعملوا عقولهم بطريق صحيح توصلوا إلى الإيمان بوجود خالق . أما ماضيهم الطويل الذي كانوا فيه على إلحاد فكانت عقولهم أشبه بالمعطلة وإنما هم أتباع لنظريات سابقة قد يكونوا أضافوا عليها أشياء و نقدوا منها أشياء ، لكنهم في الحقيقة هم أسرى لأقوال آخرين يسيرون في فلكهم و هم يظنون أنهم مستقلون ، و أنهم يُعملون عقولهم بطريق صحيح ، إلا أنهم اكتشفوا خلاف ذلك .

و خلاصة ما يتعلق بقضية تعارض العقل و النقل ( الدين ) :

1 – لا ننكر أن العقل هو المصدر الثاني من مصادر المعرفة بعد الحس .

2 – العقل دوره يقوم بتجميع المعلومات عن طريق الحس و الخبر ، و المقارنة بينهما ثم يصدر حكمه بالقبول أو الرفض .

3 – العقل له موازينه التي تنبع من ذاته و لا يُخالَف عليها؛ لأنها في حدود نطاقه، منها:

أ – أن العقل يحكم باستحالة التناقض ، ككون الشئ موجوداً معدوماً في مكان واحد و زمان واحد ، أو كون الشئ حياً ميتاً في مكان واحد . و يسمى هذا قانون عدم التناقض.

ب – أن العقل يحكم بأن الشئ إما أن يكون موجوداً أو معدوماً ، إذ لا حالة ثالثة بينهما . و هذا يسمى باستحالة رفع النقيضين

4 – العقل الصريح يحكم أن كل مخلوق كان معدوماً ثم وُجد ، لا بد له من سبب و موجِد سابق عليه في الوجود أوجده .

5 – العقل محدود الزمان و المكان ، فهناك أمور لا يستطيع العقل إدراكها منفرداً ، كما لا تستطيع الحواس الوصول إليها .

6 – أن هذه الأمور التي لا يستطيع إدراكها ، بإمكان العقل أن يعقلها حين تُبين و تُوضح له ، و هذه لا يفهمها إلا عن طريق الوحي ، لا عن طريق الحس أو التجربة المباشرة ، و ما عليه إلا التيقن من صحة الخبر ليس إلا .

و العقل ليس هو المرجع الوحيد لكل شئ ، و لكن كما وُضِحَ بتفصيله فيما سبق .

انتهت بهذا هذه السلسلة ، أسأل الله أن يجعل فيها النفع و الفائدة .

عبدالعزيز بن محمد السريهيد

Aaaziz123@hotmail.com