ديلي ميل: السعودية دفعت 107 ملايين دولار لاستقبال نزال أنطوني جوشوا وأندي رويز
لندن- “القدس العربي”:
في عالم رياضة الملاكمة النقود هي التي تتكلم، والسبب هي المباراة القادمة بين أنطوني جوشوا وأندي رويز ببلدة الدرعية قرب الرياض، والتي بنت السعودية لأجلها ملعبا جديدا يستوعب 15 ألف مشاهد.
وكانت المباراة ستقام إما في ماديسون سكوير غاردن بنيويورك، أو ميلينيوم ستيديوم بكارديف، لكن المبلغ الذي وضعته السعودية على الطاولة كان مغريا لدرجة جعلت المروج للمبارة إدي هيرن يختار العرض السعودي.
وتقول صحيفة “ديلي ميل” إن السعودية دفعت 107 مليون دولار (83 مليون جنيه استرليني) لكي تستضيف المباراة التي أطلق عليها “نزال على الكثبان”. وتقول إن الإعلان المتعجل في مؤتمر صحافي عقد في آب/ أغسطس، عن منح العطاء للسعودية قوبل بنوع من السخرية.
واتهم النقاد جوشوا والمروج لمباراته هيرن بالتربح من المباراة، ومحاولة الحصول على كل فلس منها، قبل مباراة تهدد مستقبل جوشوا والمروج له وإمكانية خسارة ثانية أمام المكسيكي رويز. ووصف هيرن نقل المباراة إلى السعودية “بتغيير قواعد اللعبة” للرياضة وستعبد الطريق أمام مباريات مربحة في الشرق الأوسط. وقال: “لقد تلقينا عروضا من السعودية وأبو ظبي ودبي وقطر” و”لكننا أردنا الذهاب إلى مكان لديه رؤية عن رياضة الملاكمة، ونعرف أن السعودية تقوم بالاستثمار الحقيقي في الرياضة، وعلينا اكتشاف أن هناك عالما آخر خارج كارديف وماديسون سكوير غاردن”.
وبالنسبة للسعودية فمنظور استقبال أكبر نزال للملاكمة مدهش. ونقلت عن عمر خليل من هيئة مهارة تحدي الرياضة والترفيه التي تدير المناسبة: “نحن من الناحية السكانية 40 مليون نسمة، نسبة 70% تحت سن الـ24 عاما ولهذا فالرغبة لهكذا مناسبات كبيرة. وهي جزء من خطة السعودية لتحسين نوعية الحياة للسعوديين ورفاهيتهم”.
فمنذ صدمة هزيمة الملاكم البريطاني جوشوا في حزيران/ يونيو، كان الحديث عن جولة ثانية تقام في ماديسون سكوير غاردن بنيويورك، أو ميلينيوم ستاديوم في كارديف. وكان الأخير هو المفضل، لأن جوشوا رغب بأن يمنح بريطانيا شرف استضافة أهم نزال في مباراة الملاكمة للوزن الثقيل ويحشد فيها 75 ألف مشجع له.
وظل هذا هو المخطط، حتى تلقى هيرن مكالمة من الشرق الأوسط وعرض 107 مليون دولار، وهو مبلغ أعلى مما يمكن الحصول عليه لو أقيمت المباراة في ويلز أو أمريكا. وأغرى لون المال هيرن وتم إقناع جوشوا وفريقه بالموافقة وقبول العرض. ومن هنا ولدت مباراة “النزال على الكثبان” إلا أن في خلفية المناسبة السياسية واللوجستية تم منح السعودية الضوء الأخضر لكي تستضيف أكبر مباراة لها في تاريخها.
وردّت منظمة أمنستي إنترناشونال على القرار ببيان شديد اللهجة شجبت فيه السجل البائس لحقوق الإنسان في السعودية. وقالت إن المناسبة ستمنح السعوديين فرصة جديدة لـ”التبييض الرياضي” لصورتهم المشوهة جدا. وقال مسؤول الحملات في المنظمة فيلكس جيكنز إن “السعودية أسكتت منظمات المجتمع المدني، فيما أجبر من انتقد النظام على المنفى وتم تهديد واعتقال من بقي. ولا يوجد أي مظهر لحرية التعبير أو حق الاحتجاج”.
ورد جوشوا أنه من الجيد التعامل مع السعودية بدلا من “الاتهام وتوجيه الأصابع والصراخ من بريطانيا العظمى” مؤكدا أنه من المستحيل بالنسبة له إنقاذ العالم. ورد جيكنز قائلا إن مباراة الملاكمة خسرت فرصة لكي تستخدم شهرة المباراة الدولية والكشف عن القضايا المهمة والجدية عن البلد. وقال: “لم يكن هذا أبدا مطالبة لجوشوا بأن يكون مدافعا خارقا عن حقوق الإنسان” بل “ببساطة طلب منه أن يستخدم موقعه البارز للتحدث عن حقوق الإنسان في السعودية. والناس سيستمعون لشخص مثله. فلو قال جوشوا شيئا عن سجن الناشطة في مجال حقوق الإنسان لجين الهذلول، فسيقدم تذكيرا مهما للسلطات من أن العالم نسي حالتها”.
وأثارت شركة البث المباشر “دي إي زد إن” والتي تنقل مباريات جوشوا في الولايات المتحدة مخاوفها من توقيت المباراة التي ستعقد في الساعة التاسعة مساء بتوقيت غرينتش، والرابعة مساء بتوقيت الولايات المتحدة، وقالت إنها ستؤثر على عدد المشاهدين وتمنع المشتركين الجدد من متابعتها. وقالت الشركة: “لسنا سعيدين تحديدا به وكنا صريحين مع إيدي”. و”كنا نفضل أن تكون المباراة في ماديسون سكوير غاردن فهو نزال أكبر بالنسبة لنا لو كان في الولايات المتحدة”.
وهناك مشكلة أخرى، وهي أن النزال الذي سيحصل في 7 كانون الأول/ ديسمبر، حافل بالمناسبات الرياضية في الولايات المتحدة، فهناك مباريات الكرة الأمريكية التي ستبث على الموقع في نفس الوقت وهو بمثابة تحدٍ. ومع ذلك فالموقع ينتظر المباراة لجوشوا ويتوقع مشاهداتها بأعداد كبيرة. كما عبرت قناة سكاي سبورت التي تبث مباريات جوشوا في بريطانيا عن تحفظاتها، خاصة أنها كانت تفضل كارديف و”كان هذا خيارنا أن نذهب إلى هناك حيث نبث اللقاء”.
وكان هذا قرار جوشوا في البداية، لكن التغير المفاجئ إلى السعودية، حيث تكون المباراة مثيرة بطريقتها. كما أن عدم توفر البنى التحتية الرياضية في السعودية تعتبر من المعوقات. فمدينة الملك عبد الله في جدة التي استقبلت العام الماضي المباراة النهائية في سلسلة مباريات السوبر العالمية للملاكمة بين كالوم سميث وجورج غروفز، ليست كبيرة بالقدر الذي يمكن أن تستقبل نزال جوشوا- رويز.
وشكك البعض في إمكانية توفير مكان بديل، وأن السعودية لن تستطيع إكمال الملعب الجديد في وقته، ولكن السعودية نشرت صورا هذا الأسبوع عن اكتماله وزاره جوشوا يوم الإثنين. واستخدم في بناء ميدان الدرعية 295 طنا من الفولاذ وسيتم تفكيكه بعد النزال. وعبر فريق سكاي سبورت الذي تترأسه آنا وولهاوس عن قلقهم من منع النساء من العمل في الليل، أو إجبارهن على ارتداء العباءة، مع أن الرياض استقبلت مباريات تنس وحفلات لماريا كاري وغيرها.
وهناك مشكلة أسعار التذاكر، فعندما بدأ بيعها في تشرين الأول/ أكتوبر كان سعر الواحدة 105 جنيهات إسترلينية، مع وجود عروض خاصة تضم خدمات بالسيارة ومداخل خاصة وأماكن قريبة من الحلبة بسعر 10.600 جنيه، حيث يحاول المنظمون جذب الأثرياء لتحصيل جزء من استثمارهم الضخم.
ولن يفلت المشاهدون البريطانيون في بيوتهم من غلاء الأسعار، فقد زادت سكاي سبورت سعر مشاهدة النزال بخمسة جنيهات، من 19.99 إلى 24.95 جنيه. وتتساءل الصحيفة إن كان النزال على الكثبان هو جزء من خطة طويلة الأمد لنشر لعبة الملاكمة في الشرق الأوسط، أو محاولة للاستفادة من عرض سعودي مغر من جوشوا وفريقه والمروج لمبارياته.