هُم خَرَّبوا الغناء.. وأنتم ؟
by أ.د.شريف حمديالنهارده مش ههاجم حمو بيكا ولا أوكا وأورتيجا، ولا حتى ههاجم أغاني المهرجانات وصناعتها وترويجها، وطرحها بكل قوة في الساحة المصرية بالتحديد، وفرضها على المستمع المصري شاء أم أبى، ويكفي أنها أصبحث الموسيقى المعتمدة رسميا في (التوك توك)، وهو وسيلة المواصلات الرئيسية في الأحياء الشعبية الآن، أنا لا أود تبني فكرة المؤامرة الممنهجة ولن أعطي الموضوع حجما أكبر مما يستحق وأحوله إلى خطة صهيونية لتحطيم الهوية الثقافية المصرية.
كل ما أتساءل عنه، ماذا فعلت الدولة والحكومة، والجهات المعنية بشؤون الموسيقى والغناء في مصر تجاه الارتقاء بالموسيقى والفن عموما في مصر، ماذا فعلتم تجاه تبني المواهب المصرية الأصيلة والأصوات الجميلة والشعراء والملحنين المبدعين المجهولين.
إن ما يفعله أصحاب القرار في مصر فقط هو الهتاف ضد أغاني المهرجانات والتنديد بها وبمن يقدمها، ويسمونها أسماءً عديدة (ظاهرة، أكذوبة مصيبة، فضيحة، كارثة)، ولكن دعونا نسأل: وماذا بعد؟
ماذا بعد الهتاف ضد أغاني المهرجانات، هل سيمتنع الشباب المصري البسيط عن سماعها؟ بالطبع لأ، مع العلم أن كل شبابنا يعلم تمام العلم أنها (فن هابط) ولكنهم يحبون هذا الفن الهابط، لأنه يوافق تدني مستواهم الفكري والثقافي حتى وإن كانت مستوياتهم الاجتماعية متباينة، فمنهم من ينتمون لطبقة اجتماعية فقيرة أو متوسطة، ومنهم من يمثل شريحة من المجتمع الراقي أصحاب الحالة الاجتماعية الغنية، ولكنهم جميعا التفوا حول هذا الفن الهابط، وللأسف لم نسأل أنفسنا لماذا حدث ذلك.
الإجابة أن ما وصل إليه شبابنا الآن من تدني مستوى الذوق العام هو حصيلة تربية جيل بالكامل، لم نهتم به فنيا ولا ثقافيا ولا حتى دراسيا، منذ أكثر من عشرين سنة مضت ونحن نترك أبناءنا وبناتنا بدون أي ثقافة موسيقية، تركنا الساحة الفنية خالية ليتسلل إليها الفاسدون بسمومهم ليبثوها في أذهان شبابنا.
أين دور وزارة التربية والتعليم في التأكيد على حصة التربية الموسيقية في المدارس، أين دور مدرس التربية الموسيقية أثناء وجوده مع الطلاب في حصة الموسيقى، هل يقوم بتثقيفهم موسيقيا والعمل على الارتقاء بالذوق الموسيقي لديهم، وبعد مرحلة المدرسة وحين يذهب أبناؤنا للجامعة هل يجدون محاضرات تنمية الذوق العام في مختلف الفنون؟
أين دور قصور الثقافة في نشر الوعي السمعي، أين رعاية الدولة للموهوبين، أين الحفلات المجانية التي تقدمها وزارة الثقافة وتضم نخبة من الفنانين الجادين الذين يحترمون أنفسهم وفنهم وجمهورهم، أين حفلات ليالي التليفزيون، أين برامج التليفزيون المتخصصة الهادفة مثل برنامجي الأستاذتين سمحة الخولي ورتيبة الحفني، أين وأين وأين ....للأسف الجهات المعنية ومن ضمنها شركات الإنتاج الفني الخاصة تخلت عن دورها في اكتشاف ورعاية المواهب الحقيقية وتقديمها للمجتمع وتركت الساحة خالية من الفن الرفيع، والمناخ مُهيئ لانتشار الأعمال الفاسدة.
ظهرت أغاني المهرجانات في غياب دور الدولة والمثقفين والمعنيين بالحفاظ على شكل ومضمون الموسيقى العربية بصفة عامة والمصرية بصفة خاصة.
أيها القادة المسؤولون، نعم هُم خرَّبوا الغناء ولكن ماذا فعلتم أنتم ،،،، دُمتم بحب وفن.